jo24_banner
jo24_banner

سلطان سليم، مش بالسليم!

محمود عطية
جو 24 :


يلقبونه الأتراك ( ياووز سليم) وتعني بالعربية القاطع أو الحاد! سلطان غازي من الأهم فى تاريخ الامبراطورية العثمانية وأعتاهم وأشدهم بأسا, لم تعد فى عهده الوزارة أو الوظيفة العليا مغنما, فالسيف والعقاب جاهز دائما! ترجح معظم المصادر التاريخية أن هو من كان وراء دس السم لوالده السلطان بايزيد الثاني, طمعا بالسلطنه والحكم بلا شك, لذلك لم أحسده يوما على تلك الاطلالات البهية والرائعة علىسفوح التلال أو شواطئ البوسفور , فلم يهنأ يوما فى فنجان قهوة على تلك الشرفات, لاحقته لعنة السم وظل يشك بمأكله ومشربه طوال حياته.بالمناسبة هو أول خليفة أو حاكم مسلم يطلق على نفسه لقب ( خادم الحرمين الشريفين).

الحديث عنه يطول ولا يتسع المقام فى هذا المقال لسرد سيرته أو التحقيق فيها تاريخيا, وإنما سأحدثكم عن جانب بسيط من حربه مع المماليك واستيلائه على بلاد الشام بعد إتصاره عليهم وهزيمتهم فى معركة مرج دابق, يقال أنه توجه إلى القاهرة وحاصرها بعد ذلك و كانت هي المعقل الأخير للمماليك وأميرهم ( طومان باي) بالطبع, ولأنه عسكري فذ وقائد محنك, لم يكتف بحرب السيوف والخيول أوالحراب, إنه أول من إخترع المدافع فى التاريخ يا سادة واستخدمها فى دك حصون أعدائه وخصومه من فيينا حتى القاهرة! صمد المماليك بداية, لكنهم لم يحتملوا نيران المدافع الجديدة وانهاروا بعدها لتدخل قوات سليم وجيوشه الى القاهرة, ثم يأمر السلطان أعوانه بأن يأتوا بطومان باي حيا أمامه, وهذا ما كان, يقول المؤرخون أن سليم أكرم طومان وأحسن ضيافته, بل وعرض عليه تسميته أميرا جديدا لدولة المماليك الجديدية والتي ستكون تحت إمرته وهيمنته مؤكدا , هذه عادته دائما, يفتح البلاد ثم يعين فيها ملوكا وأمراءا يدفعون له الجزية كل عام ويسيرون فى فلكه دائما, هكذا كان حال مملكة المجر وغيرها من إمارات البلقان على سبيل المثال.

رفض الأمير عرض السلطان لتولي المنصب الجديد, هذا الأمر لم يرق لسلطاننا القاطع الصارم, لكنه لم يكن سببا كافيا أو مقنعا ليأمر بشنق طومان المسكين وتعليق جثته على أحد أبواب القاهرة ( باب زويلة) ! ترى, ما هو السبب الحقيقي وراء هذا الفعل إذن؟ الأقرب والأثبت تاريخيا أن السلطان سأل الأمير عن إصرار جيش المماليك على إستخدام السلاح العادي كالسهام والدروع دون التفكير بتطوير أسلحة أخرى خلال مواجهاتهم ومعاركهم معهم؟ كان جواب طومان لعنة عليه أودت بحياته وجعلته فرجة وعبرة, صدقوا أنه أجب سليم بأنهم لا يستخدمون سلاحا لو أعطي لإمرأة لقاتلت به , هو يعني هنا البنادق والمدافع التي تدار بضغطة على الزناد! هذه إجابة بمقام الإهانه العظمي لرجولة سليم, وكأنه يقول له أنتم إنتصرتم بسلاح غير رجولي لا يقاتل رجلا لرجل أو وجها لوجه!

دائما ما أتذكر هذه الحادثة عندما أسمع أخبار المسيرات والصواريخ الموجهة عن بعد, أين أنت يا طومان منها اليوم, وماذا ستقول فيها وأنت الذي لم يعجبك مدفع سليم وإعتبرته سلاح يمكن أن تقاتل به النساء! قبل عدة أيام سمعت مسؤول صهيوني يقول أن معيار الحروب الحديثة وأدبياتها تسمح بمقتل واحد من الأبرياء مقابل ثلاثة مقاتلين, ويضيف أنهم لم يتجاوزا هذه النسبة وملتزمين بها! دائما ما نستمع لمصطلح ( جريمة حرب ) وكأن الحرب بحد ذاتها ليست جريمة! عالمنا بشع وحضارتنا زائفة, نسمح بالموت ونجيزه إذا كان بسلاح أو قنبلة مرخصة و مصرح بها, ونمنعه عندما يكون بالكيماوي أو الفوسفور الأبيض على سبيل المثال, يا لها من مفارقة عجيبة! الأدبيات الحقيقية بالحروب, كانت عند المسلمين وجيوشهم, فلا يدخلون مدينة أو يقطعوا شجرة, تلك هي الأخلاق الحميدة بالحروب اذا أردت أن تسميها, تلتقي وجها لوجه وتجنب الأبرياء, لا تجلس أمام كمبيوتر وتضغط على زر يمحي الأخضر واليابس؟ والسؤال : من أين نعلقهم يا سلطان سليم, و ي خازوق يستحقون؟ دمتم

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news