الخصاونة يتحدى قوانين الفيزياء.. الضغط لم يولد الانفجار

محرر الشؤون المحلية - 

نظنّ ان رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة يعيش ازهى ايامه وابهاها ،فلقد تجرأ على اتخاذ قرارات اقتصادية لم يقبل غيره من رؤساء الوزراء اتخاذها وذلك دون اية كلف سياسية ، وها هو يتجاوز في مدة بقائه بالسلطة كل اسلافه ممن تولوا هذا الموقع لفترة رئاسية واحدة منذ ٢٥ عاما مضت ..

المربك ان اتخاذ قرارات الرفع دون كلف سياسية واضطرابات شعبية قد يصنفه مطبخ القرار بانه منجز كبير لهذه الحكومة ، وهو في الحقيقة ليس كذلك على الاطلاق ، فالرفوعات - هذا النهج الجبائي المقيت - لم تساهم ابدا في سد المديونية او خفض العجز او النهوض بالاقتصاد الوطني ، بمعنى ان كل ما اتخذ من قرارات رفع متدرجة لمختلف الخدمات والسلع تاريخيا لم يحل اي مشكلة، بل ان ازمتنا الاقتصادية اخذة بالتفاقم ،ما يؤكد فرضية ان العديد من ساستنا ينفذون اجندات غير وطنية .

في عهد هذه الحكومة، ارتفعت أسعار المحروقات خلال أربع سنوات بشكل غير مسبوق، ويكفي أن نقول إن سعر بيع بنزين90 لدى تسلّم الخصاونة مسؤولياته كان (67) قرشا/ليتر، وأصبح اليوم (91) قرشا/ليتر، وإذا كانت الحكومة تتذرّع باختلاف سعر خام برنت عالميا، فإن الأسعار الحالية مقاربة لما كانت عليه في أيلول 2018 ،وعندها لم يتجاوز سعر ليتر بنزين90 (82) قرشا.

وإلى جانب رفع أسعار المحروقات، أكمل الخصاونة الثلاثية الذهبية التي لم يجرؤ رئيس سابق عليها في فترة ولاية واحدة، فرفع تعرفة الكهرباء على بعض شرائح المستهلكين، وقام بتحويل فاتورة المياه إلى شهرية ورفع تعرفة المياه والصرف الصحي أيضا.

وفي سياق استكمال تنازل الحكومة عن دورها ومهامها، يبرز ملفّ تعديل نظام صندوق دعم الطالب الجامعي كواحد من أهمّ اشكال العبث بمستقبل الطلبة وفرص تحصيلهم العلمي ، فقد ضرب في هذا الملفّ أكثر من عصفور بحجر واحد؛ زاد الأعباء على الأهالي وأولياء أمور الطلبة، وقضى على مستقبل أعداد من الشباب الفقراء الطامحين باستكمال تعليمهم العالي، حيث أن التعديلات حرمت نحو (30) ألف طالب من التقدّم للاستفادة من الصندوق الذي قام في فلسفته أساسا على دعم "الطالب الفقير" بعد رفع الرسوم الجامعية ، في اجراء اعتبر بانه تكريس لطبقية التعليم وحصره بشريحة الاغنياء فقط .

ولا تكتمل سلسلة خنق المواطن -الانجازات الحكومية- دون العبث بملفّ الاعفاءات الطبية، فهذه الاعفاءات كانت السبيل أمام أعداد كبيرة من المواطنين من أجل الحصول على خدمة صحية لائقة، وكان لا بدّ من سدّ هذا الطريق أمام الناس، وهو ما يبرر قرار الحكومة بتخفيض الاعفاءات الممنوحة للنواب بشكل غير مسبوق، والحقيقة أن هذا الانجاز مشترك للخصاونة ورئيس مجلس النواب أحمد الصفدي ..

حكومة الخصاونة تسببت في زيادة العجز والمديونية إلى أرقام غير مسبوقة، ورفع خدمة الدين العام إلى مستويات خطيرة جدا، وزيادة عجز المؤسسات والهيئات المستقلة، والفشل في جذب استثمارات كبرى قادرة على تشغيل أعداد كبيرة من الأردنيين المتعطلين عن العمل.ناهيك عن ارتفاع نسب البطالة الى معدلات غير مسبوقة في تاريخ المملكة الاردنية الهاشمية.

وفي عهد الخصاونة، استمرّت أسعار السلع والخدمات بالارتفاع بشكل مبالغ فيه دون تدخل حكومي حازم، ودون أن تقوم الحكومة بزيادة رواتب الموظفين وتحسين مستويات دخلهم، بل أن الحكومة ذهبت لإرجاء العمل بقرار رفع الحدّ الأدنى للأجور حسب نسب التضخم إلى العام القادم، بعدما كان يُفترض أن يتمّ ذلك في العام الماضي.

في عهد الخصاونة ارتفعت أسعار الفائدة على القروض (11) مرة، وبشكل زاد الأعباء على المواطنين، دون أن تتخذ الحكومة قرارات من شأنها امتصاص أثر رفع أسعار الفائدة بذلك الشكل، فلم تقم بزيادة الرواتب ولم ترفع الحدّ الأدنى للأجور ولم تتخذ أي قرار ذا أثر ايجابي على المواطنين.

وواحد من الانجازات التي تفرّدت بها حكومة الخصاونة هو حجم مديونية المستشفيات الجامعية على الحكومة، حتى وصل الأمر بها في مرحلة إلى عدم القدرة على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، في الوقت الذي أشار فيه تقرير ديوان المحاسبة إلى أن الحكومة إبان جائحة كورونا دفعت ملايين الدنانير لصالح مستشفيات خاصة رغم توفّر الامكانيات والأسرّة في المستشفيات الميدانية.ولا ننسى مديونية الجامعات التي تمسك حكومة الخصاونة عن سدادها ، ما دفع رؤساء جامعات الى طلب مراجعة اسس تقديم المنح والقروض للطلبة ..للاسف الشديد الحكومة ترفع كل شئ ولا ينعكس ذلك ايجابيا على اي قطاع على الاطلاق ، عملية عصر وخنق لا نعرف متى ستتوقف ..

وبالاضافة إلى تردّي مستوى الخدمات التعليمية والصحية في عهد الخصاونة،فلا انجازات حكومية في ملفّ البنية التحتية وتحسين شبكة الطرق والمواصلات ؛الحكومة على سبيل المثال لم تنجح في انارة عتمة طريق (الزرقاء - المفرق) رغم الحاجة الماسة لهذا الامر ، ولم تعبد الخراب الذي حلّ بكثير من الطرق الداخلية في عمان واربد والزرقاء وغيرها من المحافظات.

في عهد الخصاونة أُقرّ قانون الجرائم الالكترونية العرفي، وأُلغي ديوان الخدمة المدنية وصار التعيين عبر الإعلان المفتوح الذي يفتح باب التعيين لأصحاب الواسطة بغضّ النظر عن الكفاءة، وعُدّل نظام التعيين في الوظائف القيادية بشكل يمكّن الحكومة من تعيين كبار الموظفين دون أسس ومعايير شفافة وواضحة.

ومن اهم القرارات المتناقضة مع مبدأ دمج المؤسسات وترشيد النفقات الحكومية ، قرر الخصاونة إعادة إحياء وزارة الإعلام تحت مسمى "وزارة الاتصال الحكومي" بحجة "رفع كفاءة الرسالة الإعلامية للدولة"، لكن الواقع أننا لم نشهد قطيعة بين حكومة ووسائل الإعلام كما نشهدها في عهد هذه الحكومة، كما لم نشهد عمليات استهداف ممنهج لوسائل الاعلام المستقلة في بلادنا كما كابدناه في عهد هذه الحكومة التي ارهقت الاعلام وقزمت دوره وعطلت ماكينته وحاصرت العاملين فيه حصارا مميتا .

صحيح ان الخصاونة يصنف انه من طراز الرؤساء عبدالله النسور وعلي ابو الراغب وعبدالرؤوف الروابدة ، الا انه تفوق عليهم جميعا في زحفه على قوت المواطن وضربه لمقومات عيشه الكريم، ويبدو ان هذا ما اهله ليصبح صاحب أطول فترة رئاسية واحدة في تاريخ المملكة.