jo24_banner
jo24_banner

إرهاب متكافئ

محمود أبو هلال
جو 24 : الكثير من المتعاطفين مع تنظيم الدولة "داعش" ينظرون له كجهة تستطيع أن تقف في وجه التطرف الشيعي والتمدد الإيراني إن لم نقل كمُخلص من الإرهاب الشيعي، فهل قتال تنظيم الدولة وحده كافي دون إجراء مماثل على الجهة المقابلة للتطرف والتي منبعها ديني أيضا؟
الكثير من أعمدة تنظيم الدولة الموجودة الآن كانوا في السجون العراقية التي تسيطر عليها الطائفة الشيعية أو على الأقل عانوا من ويلاتها أو كان لأقاربهم من القتل والبطش نصيب
فحين سقطت العراق استغلت الجماعات الشيعية المدعومة والموجهة من إيران هجوم التحالف على العراق عام 2004 فتقدمت شيئا فشيئا وتوغلت وأوغلت في العراق وفي دماء أهل السنة بحجة اجتثاث البعث، ولاحقا بحجة الإرهاب، فأعدمت عشرات الآلاف وألقت بالآلاف بالسجون بطريقة أقرب ما تكون للإرهاب حيث لم تقتصر الجرائم على القوات الحكومية فقط بل كانت تتم من قبل عصابات شيعية مسلحة أيضا وتركت تنهب وتسلب وتقتل حتى في رابعة النهار تحت مرأى وسمع القوات الحكومية المتطرفة، ليتواصل هذا المشهد الدموي ويصل لأعلى مستوياته حين قام المالكي بخدمة مدروسة ومحسوبة بعناية لإيران عام 2010 بدمج المليشيات الطائفية الإرهابية رسميا في الدولة ، ليصبح الإرهاب ضد السنة طابع حكومة المالكي وسياسته الداخلية فاتسعت الفجوة الطائفية مهيأة أرض خصبة لإقامة تنظيم الدولة الإسلامية ومبرر لوجودها
نحن هنا لا ندعو لترك تنظيم الدولة يواصل إرهابه بحجة مقاومة الإرهاب الشيعي، فالجهتين يصنفان بذات القائمة وبنفس الحجم من التطرف وأي إجراء أو حرب على جهة فقط من الممكن أن يؤدي إلى توسيع قاعدة التطرف بحيث يزيد من الشرخ الحاصل ويجعل هناك قوة طائفية وحيدة في المنطقة لأن أهدافها تقاطعت مع أهداف التحالف الدولي ضد "داعش"
فوحشية الميليشيات العراقية الإرهابية الموالية لإيران هي صورة طبق الأصل عن عنف تنظيم الدولة، وهى أثبتت من خلال ما قامت به على الأرض أنها طائفية ومتطرفة بامتياز فالمدن التي تمت السيطرة عليها من قبل الميليشيات الشيعة بعد دحر تنظيم الدولة منها ارتكبت فيها مجازر تشيب لها الولدان بحق أهل السنة ذات الشيء حين حدث العكس وسيطر تنظيم الدولة على تلك المدن.

العراقيون السنة لا يريدون تنظيم الدولة أو أفكاره التي عفا عليها الزمن ولكن عندما يتم تخيرهم مكرهين بين الجماعات المتطرفة الشيعية أو السنية فإن خيارهم سيكون بالتأكيد مع تنظيم الدولة ...وهذا ما حصل
إذا نحن أمام حالة أدت إلى انقسام طائفي دفع الجميع للقتال بوحشية ولذا فان الحملة الحالية غير المتوازنة ضد طرف معين لن تحل سوى نصف المشكلة لأن إضعاف جماعة متطرفة لصالح جماعات متطرفة أخرى سيكون له على المدى الطويل نتائج كارثية وبالقطع سوف تعيد الجميع إلى المربع الأول من الصراع
ونقول إذا أرادت الولايات المتحدة كزعيمة للتحالف النجاح في حملتها ضد الإرهاب فعليا، فإن عليها استهداف الطائفية ككل والتعامل مع إيران على أنها جزء من المشكلة وليس الحل وتفكيك الميليشيات المدعومة من قبلها جنبا إلى جنب مع الحرب على تنظيم الدولة وخلاف ذلك فان الجهد الدولي الحالي سينتهي فقط بنهاية مأسوية هي وضع السلطة مجددا بيد الجماعات الشيعية المتطرفة التي لا تقل وحشية عن تنظيم الدولة الإسلامية وإعادة العراق إلى الوراء حيث النقطة التي أدت إلى نشأة "داعش""
قريبا سيظهر تنظيم الدولة في اليمن لذات الأسباب فهل سيتحرك العالم متحالفا لضرب تنظيم الدولة فقط.
أختم بالمثل الفرنسي
لا أعمى إلا من لا يريد أن يرى ولا أطرش إلا من لا يريد أن يسمع.
تابعو الأردن 24 على google news