jo24_banner
jo24_banner

حبوب شجاعة من غزة !

أحمد ذيبان
جو 24 :
 لا يكفي أن يحدث تضامن رمزي مع كارثة أهل غزة ، من خلال المظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في المدن العربية ، والعديد من المدن والعواصم في دول اسلامية واجنبية ، وحتى الان يبدو المشهد في هذا السياق متفاعلا وبقوة ضد العدوان الاسرائيلي المتواصل ،ورفضا لحرب الابادة التي تشنها دولة الاحتلال على سكان قطاع غزة . لكن الخشية ان تتكرر الحالة كما حدث خلال الغزو الاميركي للعراق عام 2003 وقبله خلال عدوان عام 1991 ، حيث انطلقت تظاهرات حاشدة في مدن عربية وعالمية ما لبثت أن انطفأت جذوتها، وتحول الامر الى خبر يومي وحدث روتيني، ثم فرضت قوات الاحتلال نهجها وأجندتها التي نتج عنها كوارث كبرى، ليس في العراق وحده بل على الصعيد الامة العربية ، وللتذكير فمن بين أسوأ النتائج التي انتجها حصار العراق الذي استمر 14 عاما حتى بدء الغزو ، ما سمي برنامج "النفط مقابل الغذاء " هو برنامج مؤقت سمح للعراق بمقتضاه، بتصدير جزء محدد من نفطه ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية ، وتولت ادارته الامم المتحدة بما يشبه الوصاية ، وتخلل تنفيذه عمليات فساد كبرى ومهد للغزو الاميركي عام 2003 !
والخشية أن يتم انتاج نسخة مشابهة منه لايصال المساعدات الانسانية الى أهالي قطاع غزة ب"القطارة " ، بادارة الامم المتحدة أيضا واشراف أميركي ، بدل رفع الحصار المفروض على القطاع منذ 17 عاما بشكل كامل، وبذلك تتحول القضية الى عملية انسانية تقتصر على ارسال الغذاء والدواء والخيم، وتزويد القطاع بالكهرباء والمياه على فترات متقطعة ،الأمر الذي يزيد حالة البؤس والفقر والحرمان فضلا عن احتمالات وقوع كارثة بيئية !
ان درس غزة وما نتج عن عملية "طوفان الاقصى " يستحق أن يؤرخ بأحرف من ذهب ، فقد قلب المعادلات وأحدث هزة هائلة في مفاهيم وثقافة وسياسات عربية وعالمية كانت مترسخة على امتداد عقود عديدة ، بينها أن" الكف يمكن ان يواجه المخرز"! ، وذلك ينطبق على العملية التي فاجات فيها المقاومة الفلسطينية العدو وكسرت هيبة جيش الاحتلال ،الذي صدق العرب" أنه لا يقهر" بسبب الحروب الخاطفة التي كان يشنها عليهم وينتصر فيها ، حتى في الحروب التي بدا أن العرب حققوا انجازات عسكرية فيها، مثل حرب تشرين عام 1973 حقق العدو اختراقات أفسدت فرحة الانتصار ، وانتهت باتفاقات انتقصت من سيادة البلدان العربية المعنية !
ومن بين دروس هذه المواجهة التذكير بمقولة "ما حك جلدك مثل ظهرك" ،وذلك ينطبق على ما سمي "محور المقاومة " بقيادة ايران ووكيلها في لبنان حزب الله ، الذي أشبعنا كلاما وتهديدا ووعيدا وشعارات خلال سنين طويلة ، والحديث عن وحدات الساحات والتنسيق المشترك ، وعندما دقت ساعة الصفر تركوا غزة لوحدها باستثناء اشتباكات روتينية متفرقة محسوبة بدقة ، وتنفذ بعضها فصائل فلسطينية من جنوب لبنان مثل كتائب القسام والجهاد الاسلامي ! ومع ذلك نجد بعض محللي هذا المحور يخترعون الذرائع والمبررات المضحة لذلك !
ودون انكار حجم الكارثة الانسانية المروعة ، التي يسببها العدوان الوحشي المتواصل على المدنيين في غزة ، التي تطال المستشفيات والمدارس والمجمعات السكنية وكافة مرافق الحياة الأساسية والطلب منهم مغادرة القطاع الى سيناء ، وقطع الكهرباء والمياه عنهم وما هو متوقع في الفترة المقبلة من تداعيات ، خاصة اذا وقع الاجتياح البري ، فضلا عن تكدس الاف الجثث لشهداء العدوان الوحشي حيث يضطر المشيعون على قلتهم بسبب ظروف الحرب ان يدفنوا الشهداء بمقابر جماعية ، لكن ذلك كله لم يضعف عزيمة وارادة أهل غزة وتشبثهم بأرضهم ، بل زادهم اصرارا على مواجهة العدوان ، وهنا اقترح ان يتم انتاج "حبوب شجاعة " ماركة غزية، لتوزيعها على بقية العرب لعل العدوى تنتقل اليهم !
Theban100@gmail.com

 


 



تابعو الأردن 24 على google news