jo24_banner
jo24_banner

تدمير مؤسّسات الدولة.. تعيينات تحفر قبور المستقبل

تدمير مؤسّسات الدولة.. تعيينات تحفر قبور المستقبل
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - يقول بيتر دراكر، الذي يعدّ الأب الروحي للإدارة الحديثة، "لا يتعامل التخطيط طويل المدى مع القرارات المستقبلية ، بل مع مستقبل القرارات الحالية". قرارات اليوم هي ما يحدّد معطيات الغد، فكيف تتمّ عمليّة صناعة القرار في مؤسّسات الدولة الأردنيّة، وما هو المستقبل الذي تحمله هذه القرارات في طيّاتها؟

قبل الإجابة على هذا التساؤل، دعنا نلقي نظرة سريعة على عمليّة تعيين صنّاع القرار في مختلف المؤسّسات، فهم في نهاية الأمر من ستؤول إليهم مهمّة وضع القرارات الراهنة، وبالتالي رسم المستقبل المنتظر.. التعيين في المواقع القياديّة بات -مع الأسف- يتمّ استنادا إلى معايير غريبة، لا تأخذ مصلحة الدولة ومؤسّساتها بعين الاعتبار، ولا تلقي بالا لأيّة نتائج قد تترتّب عن اختيار مرشّح لموقع ما، سوى طبيعة الدور المطلوب من هذا المرشّح أن يلعبه.

تتعدّد الجهات المختلفة، التي تريد مدّ أذرعها وتعيين محاسيبها في مؤسّسات الدولة، والمستقبل المعتمّ واحد، فلا يلقى بالا لصوت الضمير، ولا لمصلحة الوطن ومستقبله، عند إجراء مثل تلك التعيينات، التي تأتي في أغلبها بأشخاص من خارج المؤسّسات المستهدفة، بتعيين المحاسيب.

إذا كان لا بد من تعيين اسم ما، فعلى الأقلّ ينبغي اختيار من له علاقة بعمل المؤسّسة التي ينبغي أن يسهم في صناعة قراراتها ومستقبلها، على الأقلّ من أجل الأجيال القادمة، التي ستدفع هي ثمن تصفية العمل المؤسّساتي، بزرع دخلاء على عمل مختلف مؤسّسات الدولة، فقط ليكون لهذا التجمّع، أو تلك الجهة، بصمة وذراع.

ما نشهده اليوم من تراجع خطير في أداء كثير من مؤسّسات الدولة الأردنيّة، هو نتيجة لغياب معايير العدالة والمساواة، ومقاييس الكفاءة، في تعيين من سيتولّى عمليّة صنع القرار، حتّى في أعلى المناصب الهرميّة لتلك المؤسّسات، التي يتبوّؤها من تقرّر المجيء بهم من خارج منظومتها، فيصبح وجودهم المحض، سبب رئيسيّا في تدميرها.

هذا النمط لفرض التوجهات الغريبة في قرارات التعيين بالمناصب القياديّة، دون أدنى تفكير بالمصلحة الوطنيّة، سيخلق واقعا يحمل بلا شك مخرجات كارثيّة لمستقبل العمل المؤسسي، وبالتالي مستقبل الدولة، وذلك عبر تقويض أكثر القطاعات حيويّة، كالتعليم العالي مثلا، أو الإعلام، أو السياحة، أو أي قطاع آخر بات في مرمى تلك القرارات الخاطئة، التي تعمد إلى تعيين "مخاتير" و"غرباء" لا علاقة لهم بمهمّة الإرتقاء بالواقع، ولسان حال بقائهم يقول: من دخل بيت أبو سفيان فو آمن!

بعيدا عن سياسة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، يستمرّ اختيار الطامحين بأجنداتهم التي تحدّدها قوى ضاغطة، لتشلّ عمل الإدارات التنفيذيّة، وتتحكّم في قراراتها وتعييناتها، لتصبح النتيجة خليط ارتجاليّ، يسرّع عمليّة التدمير الذاتي، والتخريب الممنهج، وفي نهاية الأمر، يكون المواطن هو المطالب بتسديد فاتورة الفشل، بعد نسف العامود الأساسي المتمثل بالعمل المؤسّسي.

التعامل مع مؤسّسات الدولة على هذا النحو ، هو باختصار عمليّة حفر قبور لمستقبلها.. فهل سنلتفت قليلا إلى مصلحة الوطن، ونفكّر في ذلك بشيء ممّا يمليه الضمير، قبل فوات الأوان، وصناعة واقع لا مستقبل له؟!
 
تابعو الأردن 24 على google news